يتناول هذا البحث مسألة احتفالات العثمانيين بمناسبة الإسراء والمعراج ودلالاتها من حيث أهمية بيت المقدس في الذهنية العثمانية، وذلك لما تمثله هذه المدينة من مكانة دينية بالنسبة إلى جميع الأديان السماوية. فمنذ أن تم افتتاحها سنة 1516م من قبل العثمانيين، ازداد الاهتمام بها أكثر، فتشكلت فيها إدارة خاصة، وأقيمت فيها العديد من المشاريع العمرانية، وطوروا فيها الخدمات، وأوقفوا عليها المنشآت الخيرية. وقد تناولت العديد من الدراسات التاريخية والسياسية مدينة القدس عبر التاريخ وفي العهد العثماني، وتحدثت عن أهميتها في خريطة التوازنات في المنطقة. غير أن هذه الدراسات لم تتناول مسألة اهتمام العثمانيين بمناسبة الإسراء والمعراج، ولم تطرق إلى الأدبيات الفكرية والأدبية مثل المعراجيات التي تعكس مدى حضور بيت المقدس في الوعي الجمعي العثماني، فقد كان العثمانيون يولون اهتماماً كبيراً لهذه المناسبات الدينية، وبشكل خاص الاهتمام بمناسبة الإسراء والمعراج. وقد حاولنا في بحثنا هذا الاعتماد على الوثائق والمصادر العثمانية لنتتبعها، ونفهم الخلفية الفكرية والدينية والسياسية والاجتماعية التي كانت تحرك العثمانيين حول الإسراء والمعراج وبيت المقدس.كما حاولنا من خلال هذه الوثائق والمصادر العثمانية معرفة أهم العادات والتقاليد والفعاليات التي كانت تقام على مستوى أبناء المجتمع، وكذلك على مستوى رجالات الدولة العثمانية، وفي مقدمتهم السلطان العثماني. وسيتم التطرق في هذا البحث إلى جملة من المحاور أهمها: 1) حرص العثمانيين على الاحتفال بالمناسبات الدينية وإحيائها؛ 2) عادات العثمانيين وتقاليدهم في الاحتفال بمناسبة الإسراء والمعراج؛ 3) أهم المصادر العثمانية التي تناولت مسألة الإسراء والمعراج؛ 4) الخلفيات الفكرية والسياسية لمسألة الإسراء والمعراج.