الملخّص تُعَدُّ قضية اللفظ والمعنى إحدى القضايا النّقديّة المهمّة في النّقد العربي القديم، إذ شغلت بال النّقاد زمنًا طويلًا، فمنهم من رأى أنّ المزيّة في الكلام عائدة إلى اللفظ، ومنهم من رأى أنّ المزيّة عائدة إلى المعنى، ومنهم من وجد أنّهما وجهان لعملة واحدة لا تنفصم عُراهما. وقد تفرّعت عن هذه القضيّة فنون بلاغية كثيرة، إذ لا يخلو فنّ بلاغي من النّظر إلى لفظه أو معناه أو لفظه ومعناه معًا، ومن أهم هذه الفنون فن تمثيل المعنى. وتمثيل المعنى يعني أن يُمثّل الأديب المعنى الذي يجول في خاطره في أقرب صورة محسوسة ليُوصِل المعنى إلى ذهن المتلقي ويجعله محسوسًا واقعيًّا أمامه، فيؤثّر فيه أبلغَ تأثير، ويبلغه الرسالة أشدَّ إبلاغ. ويسعى هذا البحث إلى عرض نماذج من شعر الشاعر الأندلسي يحيى بن حكم الغَزَال (156 - 250 هـ = 773 - 864 م)، تضمّنت هذا الفنّ من خلال أخذ نماذج من شعره ، وقد اشتهر شعره بالنقد الاجتماعي وامتاز بالنقد الاجتماعي الساخر، فاجتمع في شعره حسّ الدّعابة، وجمال التصوير، واللمحات الدّالة، واللُمَع الذّكية. وفي شعره مقطوعات وقصائد في الهجاء والغزل والمديح والوصف، لا يخلو أغلبها من النقد الاجتماعي الممزوج بالسّخرية تارة، والدّعابة تارة أخرى. ( [i] ) . ، وقد قسَّمنا هذه النماذج إلى نموذج النقد الاجتماعي، والنموذج الديني، والنموذج العاطفي، ونموذج الفلسفة الحياتية، ونموذج العلوم العقلية. بعد مقدمة تتحدث عن قضية اللفظ والمعنى، ثم الانتقال إلى الحديث عن التمثيل لغة واصطلاحًا، والتفريق بين التمثيل والتشبيه والمَثَل، ثم عرض نبذة موجزة عن حياة الشاعر، والانتقال إلى نماذج من شعره ورد فيها فنّ التمثيل، والتعليق عليها وبيان غاية التمثيل في كلّ منها، واختتام البحث بأبرز النتائج التي سعى البحث إلى إبرازها، من مثل: غاية التمثيل، وافتراقه عن التشبيه في التأوّل والخصوص ( [i] )- يُنظر: ابن دحية الكلبي (ت 633هـ): المطرب من أشعار أهل المغرب، تحقيق: إبراهيم الأبياري، وحامد عبد المجيد، وأحمد أحمد بدوي، راجعه: الدكتور طه حسين، دار العلم للجميع للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان، 1374 هـ - 1955م، ص133-150. وأبو الحسن المغربي (ت 685هـ): المغرب في حلى المغرب، تحقيق: شوقي ضيف، دار المعارف- القاهرة، ط3، 1955م، 2/57-58. وديوان يحيى بن حكم الغزال: جمع وشرح وتحقيق: محمد رضوان الداية، دار الفكر المعاصر، بيروت- لبنان، دار الفكر، دمشق- سورية، ط1، 1993م، مقدمة المحقق ص6-24. و الأعلام ، 8/143.