Abstract

يعتبر التاريخ الفاطمي أحد الفترات الأساسية للتاريخ الإسلامي لمصر، فلا نستطيع أن نتحدّث عن الحاضرة الثقافية لمصر مدينة القاهرة، دون ذكر مؤسسها جوهر الصقلي قائد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله الفاطمي، فهو الذي بنى مدينة القاهرة لتكون الحاضنة الأولى للفاطميين وجهزها لمجيء المعز الفاطمي، وينطبق الأمر نفسه على الجامع الأزهر، الذي منذ تأسيسه حتى الآن اكتسب شهرة عالمية في العالم الإسلامي، على مر المراحل التاريخية، أضف إلى هذا الكثير من الآثار الفاطمية المنتشرة في القاهرة القديمة كالجوامع والمدارس والأزقة، فكل هذا يظهر عند التحدّث عن مصر بشكل عام وعن مصر الإسلامية بشكل خاص. 
 لقد سعى الفاطميون في الاستيلاء على القطر المصري كثيرًا حيث قامت حملتان عسكريتان من شمال إفريقيا إلى مصر باءت كلٌّ منهما بالفشل، ثم نجحت الحملة الثالثة بقيادة جوهر الصقلي بعد أن أعدَّ الخليفة الفاطمي المعزّ العدة هذه المرة ورتّب الجيش ترتيبًا جيدًا، وكان قد سبق ذلك بإرسال دعاة إلى هذه الجغرافيا عن طريق مدينة الإسكندرية وغيرها، يبشرون بزوال الدولة الإخشيدية ومجيء المنقذ من هذا الظلم والركود الاقتصادي الذي وقعت تحته مصر، وبعد أن وصل جوهر الصقلي القائد الفاطمي أسس مدينة القاهرة كي تستقبل الخليفة الفاطمي، ثم من بعده الجامع الأزهر، وقام بعدة إجراءات يحاول من خلالها إعلان السيطرة الفاطمية على القطر المصري. 
 
 هل سعى الفاطميون في فرض المذهب الشيعي الإسماعيلي على المصريين؟ نسعى من خلال هذا البحث في الإجابة على هذا السؤال، ولكي نصل إلى نتيجة سليمة، تطرَّق البحث أولا إلى إلقاء الضوء على التاريخ المذهبي لمصر قبل الدخول الفاطمي، كي يرى البحث ما نوع الميول الاعتقادية لدى المصريين في هذه الفترة، سنيّة كانت أو شيعية، ثم عرّج على الدخول الفاطمي لمصر؛ مركِّزًا على أهم الأحداث التي قام بها الفاطميون يظهر من خلالها أنهم كانوا يسعون بالفعل لفرض المذهب الإسماعيلي على المصريين، عن أن تأسيس القاهرة كان الهدف من ورائه أن تكون هذه المدينة مركزًا للإشعاع الإسماعيلي، فإن الجامع الأزهر وما لحقه من مكتبة احتوت على خزائن التراث الإسماعيلي مثَّل مركز انطلاق للفكر الإسماعيلي، وكانت الكتب الإسماعيلية تدرّس فيه بانتظام على يد الكثير من علماء الاعتقاد على رأسهم القاضي النعمان، وكانت عائلة القاضي تتولّى السيطرة الدعوية والعلمية والقضائية في البلاد.
 لقد سعى وفدٌ من المصريين في أن يحصلوا على عهد من القائد الفاطمي جوهر الصقلي، يطمئنهم ويزيل مخاوفهم خاصة فيما يتعلق بمعتقداتهم وأمورهم الدينية، وبالفعل أصدر القائد الفاطمي هذا العهد الذي تضمّن الكثير من الأمور تطمئن المصريين، من بينها أن الصحابة من أجلِّ الناس عكس المعتقد الشيعي المشهور وأن كلا سيترك على معتقده، لكن ما لبث هذا العهد حتى اخترمته الكثير من الأمور.
 يركّز بحثنا هنا على هذه الأمور التي كانت في غالبها شد وجذب، انقسم البحث إلى ثلاث نقاطٍ أساسية الأولى التاريخ المذهبي لمصر قبل الدخول الفاطمي، والثاني محاولات فرض المذهب الشيعي على المصريين، أما النقطة الأخيرة هي المقاومة أو الأمور التي حدثت عرقلة هذا الفرض، وكانت سببا في أن جعلت انحسار التأثير الفاطمي على الأبنية والجوامع والآثار الفاطمية

Full Text
Published version (Free)

Talk to us

Join us for a 30 min session where you can share your feedback and ask us any queries you have

Schedule a call