Abstract

تجتمع الغاية من نشوء علم الفقه في تأسيس هندسة أداتية تتكفل بالصياغة انضباطية للسلوك الإنساني، لتحقق بذلك مقاصد قانونية وأخلاقية، تحافظ بها على الماهية الأخلاقية للإنسان. عند تحليل السياق المعرفي والمنهجي لعلم الفقه، تنكشف بنيته النسقية بحضور المرجعية الكفيلة بالمشروعية، ونعني به الميثاق بأسلوبه التبليغي ثم التطبيقي وقد تكفلت به كيفا السنة النبوية. ففي إطار الميثاق يوازن الفقيه بين الحدث الطارئ على التجربة الوجودية، ثم القانون المرجعي للشريعة، ليستخرج حكما، له دوره في بناء الوضع الانضباطي للسلوك الإنساني، وهي العملية الإجرائية ذاتها التي يؤسس لها الأخلاقي في إطار الأخلاق التطبيقية بمرجعية علمانية وأداة عقلانية ذات صبغة آلية. تسود الظرف الإنساني الراهن بلبلة معيارية أصابت البشرية بالصمم القيمي والمعياري، وهي بذلك تشبه تلك التي أصابتهم عند برج بابل، إذ انتقل عدم الفهم من اللغة إلى المعايير الأخلاقية، بحيث اندثر الفهم الضمني في معرفة المعايير الأخلاقية، بعدما هيمنت العدمية والضبابية على الوجهة الوجودية للإنسانية، دليل ذلك التشتت المرجعي والاندثار القيمي الذي دفع للبحث عن حقل فلسفي لإعادة صياغة الأخلاقية، فالأزمة المحيطة هي أزمة أخلاقية بامتياز، ليكون دور الفلسفة إعادة فتحٍ للملف الإيتيقي نظرا واستخبارا. في هذا السياق تكون لعلم الفقه -بوصفه عطاء إسلاميا- الجدارة، لوعي أخلاقي انضباطي يعيد شد الرخاوة المهتزة للأخلاقية الراهنة، وإعادة النظر المقاصدي في الظرف الإنساني الراهن.

Full Text
Published version (Free)

Talk to us

Join us for a 30 min session where you can share your feedback and ask us any queries you have

Schedule a call