Abstract

سلّط هذا البحث الضوء على واقع الحياة العلمية في مدينة بيت المقدس في العهد العثماني في القرن الثاني عشر الهجري، وسبر أبعادها في مجالات: الإفتاء والتصنيف والتعليم والمناظرة، ولفت الأنظار إلى أمرين: صلات هذه الحركة بكلٍ من مصر والشام وإسطنبول والغربين: الإسلامي والمسيحي، وطبيعة العلاقات في المدينة بين المذاهب الفقهية بعضها مع بعض من جهة، وعلاقات العلماء بالولاة من جهة أخرى. وبالنظر إلى سعة مصادر دراسة هذا القرن، وكثرة علمائه، وتنوع سيرهم فقد حدد الباحث مجال الدراسة بترجمة الإمام محمد بن محمد التافلاتي المالكي آنذاك ثم مفتي الحنفية في القدس، وهو أحد أبرز وجوه الحياة العلمية في القرن الثاني عشر الهجري، وذلك بالنظر إلى كثرة مصنفاته، وسعة علاقاته، وفرادة سيرته. وقد شاعت رواية الإمام حسن بن عبد اللطيف الحسيني بخصوص تحول الإمام التافلاتي من المذهب المالكي إلى الحنفي ونقلته من جفوة الحكام إلى حسن الصلة بهم، وهي بحسب ما توصلت به الدراسة لا تكفي للحكم على شخصية بوزن الإمام التافلاتي، خاصة وأن روايته لهذه الحكاية تزري بالإمام، وقد رجحنا أن يكون تعرض التافلاتي للضيم والظلم وربما الفقر هو السبب وراء رغبته بمنصب الفتيا. واعتمد الباحث على المنهج الوصفي التحليلي، والتاريخي في كتابة هذا البحث، وخلص إلى نتائج كثيرة أهمها: أن القرن الثاني عشر الهجري وعلى عكس ما رسخ في الذاكرة العلمية المعاصرة كان عصر تواصل وانفتاح بين المذاهب الفقهية والمدارس الإسلامية. وأوصت الدراسة بضرورة مراجعة بعض المقولات التي اشتهرت في كتب تاريخ الفقه أو التشريع في العصر الحديث التي كشف البحث عن خلل في بعض تعميماتها مثل: دعوى شيوع التعصب المذهبي، وغياب التسامح الفكري والمذهبي في القرون المتأخرة.

Full Text
Published version (Free)

Talk to us

Join us for a 30 min session where you can share your feedback and ask us any queries you have

Schedule a call