Abstract

يُعد كتاب (المهمشون في التاريخ الإسلامي) لأستاذ التاريخ المعروف محمود إسماعيل عبد الرازق من الكتب المعاصرة التي اكتسبت بعض الرواج بين المهتمين بالتاريخ الإسلامي. ففي هذا الكتاب يستعرض الدكتور محمود جملة من ثورات العوام - أو المهمشين كما دعاهم به - في مختلف الأقطار وعلى مر الأعصار، من خلال توظيفه للعوامل المادية من اقتصادية واجتماعية لفهم حقيقة تلك الحركات وتفسير أسبابها وتحليل نتائجها. وعلى الرغم من حداثة موضوع الكتاب وجرأة فكرته، إلا أنه لم يسلم من كثير من الزلات والسقطات. فمما يُؤخذ على المؤلف أنه كان على الدوام متحاملاً على ولاة الأمر من الحكام، ومنحازاً لحركات العوام، ومتعصباً على جمهور الفقهاء والمؤرخين، وهو موقف لا يرتكز على أساس موضوعي، بقدر ما يعبر عن هوى شخصي لديه. علاوة على ذلك، فقد كان الدكتور محمود ينظر إلى حركات العوام من خلال ميوله الاشتراكية، وهو ما يعني اعتماده الكلي على العوامل المادية في تفسير تاريخ تلك الحركات مقابل تهميشه لبقية العوامل الأخرى، كالدينية مثلاً، وهي قراءة قاصرة لا تتيح لصاحبها الإحاطة بكافة ملابسات تلك الثورات ونتائجها. وبسبب انحيازه الكلي للعوام في ثوراتهم، والتزامه التام بالتفسير المادي للتاريخ؛ فقد اضطر الدكتور محمود إلى انتخاب ما يوافق هواه من الشواهد التاريخية لبلوغ أهدافه في انتقائية مكشوفة. إن هذه الملاحظات، وغيرها مما سيجدها القارئ عند قراءة البحث مفصلاً، توجب عليه أن يتوخى الحذر ويُعمل النظر عند قراءة مثل هذه الكتب التي يزعم أصحابها أنهم من أنصار التنوير وحُماة الفكر؛ لما قد تتضمنه كتبهم من أفكار تستهدف في مجملها تشويه صورة التاريخ الإسلامي وتقزيم منجزاته وتضخيم أخطائه.

Full Text
Published version (Free)

Talk to us

Join us for a 30 min session where you can share your feedback and ask us any queries you have

Schedule a call