Abstract

     اخذ المسلمون ومنذ ان دخلوا إلى شبه الجزيرة الايبرية فاتحين سنة 92 هـ / 711 م إلى اتباع منهج التسامح مع سكانها المسيحين فاندمجوا معهم بشكل كبير حتى انهم تزوجوا الكثير من الاسبانيات اللواتي سمح لمعظمهن بالبقاء على دينهن المسيحي , ومثال ذلك ارملة لذريق          ( Rodrigo  ( ملك اسبانيا الذي هزمه القائد طارق بن زياد , ايخيلونا  ( euglena ) , الاميرة إيلة والتي تزوجت من الوالي عبد العزيز بن موسى بن نصير والتي اسلمت وتكنت بأم عاصم    ( 95 ـ 97 هـ / 714 هـ  ــ 716 م ) الذي يعد من أول الولاة المسلمين على الاندلس بعد فتحها .
 وبعد نهاية عصر الولاة الذي دام  لأكثر من اثنين واربعين عاماً ظهرت الامارة الاموية سنة 138 هـ ـ 755 م على يد مؤسسها عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك والمعروف باسم عبد الرحمن الداخل , وبقيت تلك الامارة ثم الخلافة قائمة حتى سنة 422هـ / 1031 م , إذ عاش في كنفها مسيحيو الاندلس بحرية تامة وتمتعوا بالحقوق والامتيازات التي لم يحصلوا عليها خلال فترة حكم القوط في اسبانيا , ومن تلك الحقوق أن المسلمين سمحوا للمسيحين بالحفاظ على جميع ممتلكاتهم الدينية كالكنائس والاديرة وغيرها , وايضا الحفاظ على ممتلكاتهم الخاصة المتمثلة بالأموال والعقارات المختلفة .
 اما من الناحية الدينية , نلاحظ أن السلطة الاسلامية في الاندلس سمحت للمسيحين بامتيازات كثيرة , اهمها قرع النواقيس ومرور المواكب في شوارع المدن خلال احتفالاتهم الدينية حاملين الصليب , وايضاً بناء الكنائس الجديدة وعلى اساس ما يسمح به الشرع الاسلامي , كذلك السماح لهم باستعمال اللغة اللاتينية في ترانيهم الاحتفالية في الكنيسة .
 ومن المهم أن نذكر أن الوجود الاسلامي في الاندلس ساهم كثيرا في جعل الكنيسة الكاثوليكية في اسبانيا متحررة من سيطرة كنيسة روما , كما وتخلص المسيحيون من ضغط رجال الدين عليهم بفعل الحماية التي وفرتها السلطة الاسلامية في الاندلس , وما يلاحظ عليه أن المسيحين في جميع ارجاء البلاد الاندلسية تمتعوا بأوضاع لم يحض بمثلها اقرانهم في مناطق عديدة , من العالم المسيحي آنذاك .

Full Text
Published version (Free)

Talk to us

Join us for a 30 min session where you can share your feedback and ask us any queries you have

Schedule a call