Abstract

كانت مدينة بيت المقدس تنعم بالازدهار إلى أن وقعت تحت الاحتلال الصليبي، فتعمد الصليبيون إفراغ المدينة المقدسة ومحيطها من القرى والبلدات من أهلها وسكّانها الأصليين، وسلكوا في ذلك طرائق كثيرة أبرزها ما قاموا به من مجازر ومذابح في كل المدن والقرى التي احتلوها، فأفرغوها من أهلها بقتلهم وأفرغوا ما تلاها من بلاد بالتخويف من أن يصيبهم ما أصاب إخوانهم، لتأتي الخطوة التالية المتمثلة بإقامة المستوطنات الصليبية وإسكان المهاجرين الأوربيين الصليبين فيها. وقد عمل الصليبيون على جذب المستوطنين من أوروبا بحجج خادعة منها حماية مقدساتهم الدينية، ليُسكنوهم تلك المستوطنات التي جعلوا منها خطّاً دفاعياً أوليّاً دون المدينة المقدسة، ولم يكتفوا بمن هاجر من أوروبا، لأن عددا كبيرا منهم آثر العودة، فاستعانوا بأبناء دينهم من السكان الأصليين ممن استمالوهم إلى جانبهم. وبالتزامن مع حركة الاستيطان الصليبي كان سكان الأرض المقدسة على موعد مع رحلة التهجير القسري التي أطلقها المحتل الصليبي، ليلجأ أهلها بانتماءاتهم المختلفة (مسلمون ونصارى ويهود) إلى البلدان المسلمة المجاورة ولينقلوا معهم علومهم وفنونهم وخبراتهم، ويجعلوا منها قيمة مضافة لإخوانهم الذين استقبلوهم بالود والترحاب. ومما يجدر بنا الإشارة إليه هو أن معظم النصارى من سكان بيت المقدس كانوا قد هاجروا فيمن هُجّر عن أرضه، ليكذّب فعلهم ادعاءات الصليبين بحماية أبناء دينهم والمقدسات الدينية التي دمّروا معظمها بحملاتهم الهمجية تلك. ثم ليتكلل نضال المسلمين الدؤوب بفتح مبين لبيت المقدس على يد صلاح الدّين الأيّوبي الذي عمل هو ومن بعده ممن حكم بيت المقدس على إعادة الأرض لأهلها. وقد اعتمدت الدراسة على المنهج الاستقرائي والوصفي التقابلي؛ للوقوف على أوجه التشابه والاختلاف بين الاستيطان الصليبي والاستيطان الصهيوني، وليخرج هذا البحث بجملة من النتائج المهمة: كضرورة الاستمرار في المقاومة بكل أشكالها مع يقيننا بحتمية زوال الكيان الصهيوني الغاصب كما زال قبله الكيان الصليبي فالتشابه بينهما كبير جداً وقد يصل إلى حد التطابق في بعض المجالات.

Full Text
Published version (Free)

Talk to us

Join us for a 30 min session where you can share your feedback and ask us any queries you have

Schedule a call