Abstract

الخطاب المقدماتي هو الخطاب الذي يُقدّم النص من منظور شخص آخر غير المؤلف الحقيقي، وهو خطاب إشهاري غرضه تدشين النص وترغيب القارئ إليه. ظهر الاهتمام بالخطاب المقدماتي في الأدب الحديث مع ظهور كتاب "عتبات" للفرنسي جيرار جينيت، خاصة بعدما أولى اهتمامًا كبيرًا بالنص المحيط وما يشتمل عليه من عناوين وتصدير وإهداء ومقدمة، ولوحة الغلاف ... إلخ، وهو ما ترجمه التلقي العربي في دراسات اعتنت بالعتبات للنصوص، وعلى الرغم من أهمية هذه العتبات في استكناه النصوص والكشف عن خصوصيتها التجنيسية؛ إلا أن التلقي غالى كثيرًا في ممارساته التطبيقيّة مما جعلها تحيد عن هدفها الأصلي الذي تأصّلت من أجله، الشيء الجدير بالذكر أن حضور الخطاب المقدماتي ضمن النصوص المحيطة في مدونة النقد الغربي، لا يعني أن الخطاب المقدماتي كان غائبًا في مدونة الثقافة العربيّة، بل على العكس تمامًا، فكتب التراث أكّدت عناية المؤلفين القدامى من المؤرخين والمحدِّثين وكتاب التراجم، بالمقدمات لكتبهم، سواء تلك التي كتبوها بأنفسهم، أو أسندوا كتابتها لآخرين من مُعاصريهم. تعتني هذه الدراسة بالخطاب المقدماتي عند الدكتور طه حسين، فدور عميد الأدب العربي التنويري إلى جانب كتابة المقالات الصحافية والكتب النقدية، وإلقاء المحاضرات العامة في الإذاعة والمنتديات؛ اهتمّ بالأجيال الجديدة والكتابات المهمّة، فحرص كل الحرص أن يزيّن كتاباتهم بمقدمات بأسلوبه الفخيم. اللافت أن كتابة طه حسين لهذه المقدمات كما ستبيّن الدراسة لم تكن انطباعيّة أو متعجّلة، وإنما كانت خاضعة لمنهج علمي لو شئنا الدقة صارم ودقيق، وهو ما يعكس سمة عند طه حسين تتمثّل في التزامه بالمنهج (والتأكيد عليه) في كتاباته على مختلف أنواعها (الفكرية والنقدية)، كما لم يَحد عنه في كتاباته السيّارة، والاحتفائيّة. ومن ثمّ تسعى هذه الدراسة أولاً للتعريف بالخطاب المقدماتي عنده وأنواعه، وأهدافه، ثمّ أشكال هذا الخطاب عند طه حسين، وثانيًّا استكشاف ملامح المنهج الذي التزمه في الخطاب المقدماتي، وهل ثمة مخالفة (أو مغايرة) عن منهجه الذي اعتمده في كتاباته النقدية أو الفكريّة بصفة عامة. وفي ضوء هذا تأتي الدراسة في جزأين؛ الأول نظري يُعرِّفُ بالخطاب المقدماتي في التراث العربي، وأنواعه، وأهدافه، ثم في الجزء الثاني تتطرّق الدراسة إلى أشكال الخطاب المقدماتي عند طه حسين، وأقسامه؛ حيث نوّع طه حسين في خطاباته بين مقدمات لكتب فكرية وأدبية وأخرى مترجمة، بغية الوصول إلى المنهج الذي اعتمده طه حسين في خطابه المقدماتي، وقد انتهت الدراسة إلى أن الخطاب المقدماتي كان بارزًا في الثقافة العربية الإسلاميّة، وقد ظهر مع مقدمات الكتب الإسلاميّة، وكان رائجًا. ومن ناحية ثانية لعب طه حسين دورًا كبيرًا ومهمًا في الحياة الثقافية، بوصفه مثقفًا مشاركًا ليس متعاليًّا، حيث لعب دور الوسيط بينه وبين القارئ والمؤلف، والتزم منهجًا نقديًّا ابتعد كلّ البُعد عن تلخيص الكتاب، وإنما قدّم رؤية متكاملة للكتاب، مستخلصًا أهم أفكاره الجوهرية، وأهميته، وتأثيره على المتلقي.

Full Text
Paper version not known

Talk to us

Join us for a 30 min session where you can share your feedback and ask us any queries you have

Schedule a call

Disclaimer: All third-party content on this website/platform is and will remain the property of their respective owners and is provided on "as is" basis without any warranties, express or implied. Use of third-party content does not indicate any affiliation, sponsorship with or endorsement by them. Any references to third-party content is to identify the corresponding services and shall be considered fair use under The CopyrightLaw.