Abstract

تتميز مدينة القدس من حيث أهميتها الدينية والسياسية والاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط بجملة من الخصائص التي لا يمكن أن تجدها مجتمعة في أي مدينة أخرى من مدن العالم . فهي من ناحية مدينة مقدسة في نظر كل الديانات السماوية اليهودية والمسيحية والإسلامية، وهي من ناحية أخرى مدينة تغري كل القوى الإقليمية والدولية لأهميتها الاستراتيجية في طبيعة التوازنات في منطقة الشرق الأوسط والعالم، وكذلك لعمقها الديني والتاريخي والحضاري. لذلك ظلت هذه المدينة فضاء لتنوع الأديان وتعايشها مع بعضها البعض عبر العصور، وفي نفس الوقت كانت محورا لصراع طويل بين قوى إقليمية ودولية مختلفة، تحاول كل واحدة منها الهيمنة عليها حتى تتحكم في العمق الاستراتيجي والحضاري لمنطقة الشرق الأوسط. فمنذ أن تم فتحها من قبل المسلمين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب دخلت القدس في منعطف تاريخي جديد، جعلها من ناحية مسرحا لصراع طويل بين المسلمين والمسيحيين خلال الحروب الصليبية المختلفة، ومن ناحية ثانية كانت محلا لصراع بين القوى الإسلامية الموجودة في المنطقة مثلما هو الحال في الصراع بين السلاجقة والفاطميين. وقد ازدادت حدة الصراع على بيت المقدس بشكل خاص في عهد السلاجقة والأراتقة ، حيث مثلت هذه الحقبة منعطفا جديدا في تاريخ المنطقة وبيت المقدس على حد سواء، وظهرت توازنات جديدة، سيكون لها الأثر الأكبر في المرحلة اللاحقة على داخل القدس وخارجها. لذلك سنحاول في هذا البحث تقديم قراءة تحليلية لأهمية القدس في عهد الأراتقة الذين لعبوا دورا بارزا في تاريخ القدس، لاسيما في عهد القائد أرتق الذي كان واليا على القدس في عهد السلاجقة ، وكان له الدور البارز في حماية هذه المدينة من كل القوى المتربصة بها، كما كان له دور مهم في طبيعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط. وسنتناول هذه الموضوع في ثلاثة محاور رئيسية: 1) ظهور الأراتقة وتأثيرهم على خريطة التوازنات بمنطقة الشرق الأوسط. 2) علاقة الأراتقة ببيت المقدس وتطوراتها. 3) القدس ودور الأراتقة في الحروب الصليبية.

Full Text
Published version (Free)

Talk to us

Join us for a 30 min session where you can share your feedback and ask us any queries you have

Schedule a call