Abstract

لقد نال موضوع الصورة الفنية من اهتمام البلاغيين والمهتمين بدراسة الشعر العربي ما لم ينله غيرها من موضوعات الدراسات الأدبية والنقدية، ولعل ذلك يعود لأهمية الصورة الفنية بأنواعها، ولدورها الفاعل في جلاء أسرار القصيدة وكشف مكنوناتها، والصورة الحسية خاصة تلعب دورا كبيرا في هذا الجانب، لأنها تهيمن بشكل كبير على البناء الفني للنص الشعري لا سيما في القصيدة الجديدة أو ما يسميه النقاد قصيدة التفعيلة، فالصورة الحسية في القصيدة الجديدة تحمل دلالات واسعة، وتعبر بقوة عن التجارب الشعرية، وتعكس الحالات النفسية للشاعر أو الأديب. وعلى الرغم من اهتمام الباحثين بالصورة الفنية وأنواعها في الشعر العربي قديما وحديثا، إلا إنهم لم يهتموا بالصورة الحسية بالمفهوم الحديث مثلما اهتموا بالصورة البيانية، فلم تأخذ حظها الوافر من الدراسة النقدية خاصة في القصيدة الحديثة، ولم يهتم كثير من الدارسين بتفصيل القول في أنواعها وتأثيرها في القصيدة العربية الحديثة؛ وهذا ما دفعني لدراسة جماليات الصورة الحسية في القصيدة الجديدة، تلك الصورة التي وظفها العديد من الشعراء في العصر الحديث لخدمة التجربة الشعرية، فتناولت دراستي الصورة الحسية بأنماطها البصرية والسمعية واللمسية والشمية والتذوقية، وكيف أضفت هذه الصور نوعا من الجمال على البناء الفني للقصيدة، فكان لها أثر بالغ في جذب المتلقي أو القارئ للصورة الفنية في القصيدة، كما كان لهذه الصور دور كبير في نقل أفكار الشاعر وتجربته وعاطفته إلى المتلقي. وقد بدأت الدراسة بتمهيد وضحت فيه أهمية الحواس ومدركاتها في تشكيل الصورة الفنية، ودور ذلك في بناء النص الشعري، وقدمت جملة من التعريفات التي تسلط الضوء على مفهوم الصورة الحسية، ثم تناولت أنماط الصورة الحسية مستشهدا بنماذج تطبيقية من شعر رواد القصيدة الجديدة، وبيَّنت في نهاية البحث النتائج التي خرجت بها الدراسة، وأبرزها وضوح دور الصورة الحسية بأنواعها في الدلالة الموضوعية أو المعنوية للقصيدة، وأثرها في بيان الحالة النفسية والوجدانية للشاعر، كما عبرت الصورة الحسية في القصيدة الجديدة عن موقف الشاعر مـن الوجود أو فكرته عن الحياة، وأكدت الدراسة أن الشعراء الجدد نوعوا في استخدام الصور الحسية في القصيدة الواحدة، فمزجوا بين الصور ليصوِّرا حالاتهم النفسية والوجدانية، فكانت الصور أكثر جذبا وأشد تأثيرا، وكذلك وضحت النتائج اعتماد الشعراء في رسم الصور الحسية على معجم لغوي يعبر عن مدركات كل حاسة، وخروجهم في أحيان كثيرة عن الاستعمال الدلالي الواقعي للألفاظ أو العبارات الحسية؛ وميلهم نحو دلالات أخرى خيالية بعيدة عن الاستعمال المباشر.

Full Text
Published version (Free)

Talk to us

Join us for a 30 min session where you can share your feedback and ask us any queries you have

Schedule a call