Abstract

شغلت مسألة نشأة اللغات في الفكر الإسلامي حيزاً كبيراً من الدرس والمناقشة، كان النصيب الأكبر في هذه المناقشات للأصوليين وعلماء الكلام، وابتدع المسلمون نظريتين في نشأة اللغات، النظرية الأولى تقول: بتوقيفية اللغة، ترى هذه النظرية أن اللغة توقيف من الله تعالى، أو هي إلهام هبط على الإنسان فَعُلِمَ أسماء الأشياء، وهذه النظرية قديمة جداً، فقد نادى بها الفلاسفة اليونانيون، أما النظرية الثانية فتقول: بالمواضعة ويرى أصحاب هذه النظرية أن اللغة نشأت من اتفاق الأفراد في المجتمع، وكان معظم القائلين بهذه النظرية من المعتزلة الذين استمدوا أدلتهم من المنطق العقلي، وفسروا ما ورد من نصوص ليلائم اتجاههم و ينسجم مع منطقهم، وحاول بعض العلماء التوفيق بين هاتين النظريتين، فقال: إن الله عز وجل وهب الإنسان القدرة على الاصطلاح وكرمه بالآليات المناسبة لذلك، ولكن اللغة الأولى لم تكن اصطلاحية بل توقيفية بمعنى أن اللغة الأولى كانت بتعليم الله تعالى، وما كان بعدها من اللغات هو باصطلاح الإنسان ومواضعته، يقرر القاضي نظرية مختلفة فبداية يقرر أن اللغة الأولى لا بد أن تكون مواضعةً فالمواضعة عنده أسبق زماناً من التوقيف، ذلك لأن الله تعالى لا يمكن أن يخاطبنا دون أن تكون لنا لغة يمكن أن يخاطبنا بها كي نفهم مراده تعالى، إن ما تقدم من الكلام هو بالنسبة للغة الأولى، أما اللغات التي أتت بعد ذلك فإن القاضي لا يقطع فيها بشيء، فيصح أن تكون تلك اللغات قد وضعت بالتوقيف من الله تعالى، كما يصحُّ أن تكون وضعت بالتواضع والاصطلاح بين البشر، ولا دليل يرجح أيًّا من هذين الاحتمالين، ثم يتحدث القاضي عن كيفية المواضعة التي اشترطها، والتي من خلالها نستطيع فهم مراد الله تعالى، ومن الشروط التي وضعها القاضي حتى تتم المواضعة القصد للمواضعة، فلا يمكن لاسم ما أن يكون عَلَمَاً على مسمى معين إلا إن توفر شرط القصد على وضع هذا الاسم لذلك الاسم المعين، كما أن نشأت اللغة أخذت حيزاً كبيراً في كتب علم اللغة الحديث، وحاول علماء اللغة ابداع نظريات أخرى غير النظريتين السابقتين، فقرروا في نهايات القرن الثامن عشر النظرية الفطرية التي تقرر أن الفضل في نشأة اللغة الأولى يرجع إلى غريزة خاصة لدى أفراد النوع الإنساني، هذه الغريزة تحمل كل فرد منهم على التعبير عن كل مدرك حسي أو معنوي بكلمة خاصة، ومن أشهر النظريات في كتب علم اللغة الحديث نظرية المحاكاة التي تقول: إن النشأة الأولى للألفاظ كانت عن طريق تقليد الإنسان للأصوات الطبيعية التي سمعها الإنسان، واتخذ منها أسماء لمصدر هذه الأصوات، وجاء البحث مؤلفاً من مقدمة تضمنت أهمية البحث وأهم الأسئلة التي سيجيب عنها، ومن تمهيد عن حياة القاضي عبد الجبار، ثم بدأ البحث بعرض أهم النظريات التي ذكرت في نشأة اللغات سواء عند العلماء المسلمين أو عند الغربيين، ثم عرض نظرية القاضي الخاصة في هذا الموضوع ودلائله العقلية التي استدعته إلى القول بهذا الأمر، وانتهى البحث بخاتمة تضمنت أهم النتائج والتوصيات.

Full Text
Paper version not known

Talk to us

Join us for a 30 min session where you can share your feedback and ask us any queries you have

Schedule a call

Disclaimer: All third-party content on this website/platform is and will remain the property of their respective owners and is provided on "as is" basis without any warranties, express or implied. Use of third-party content does not indicate any affiliation, sponsorship with or endorsement by them. Any references to third-party content is to identify the corresponding services and shall be considered fair use under The CopyrightLaw.