Abstract

لقد استطاعَ الإنسانُ بالعلامات ومن خلالهَا أن يعبُر من العالم الطبيعي المادي إلى العالم الثقافي الرمزي، لقد استطاع أن يُنتِج فكره الخاص، وأن يبني ذاكرته الجماعية الوضعية، تارك وراءهُ كلَّ الكائنات بلا فكرٍ ولا مرجع ولا ذاكرة، تعيش وفق مسارٍ طبيعي لا يتغير، أي وفق مسار نمطي يتكرر؛ ولكنه لا يتطور. إِنَّ العلامةَ هيَّ الوسيلة التي من خلالها تأنسن الإنسان، وخلَّص نفسه من إكراهات الطبيعة، إلى رحابة الثقافةِ التي منحتهُ أدواتٍ رمزية أودعَ فيها قيَمهُ وآمالَهُ وأحلامَه، وضمّنها عاداته وتقاليده. لقد مكنت العلامات الإنسانَ من إعادةِ صياغةِ الوجودِ خارج إكراهات التجسيد والحضورِ الماديّ للأشياء، لقد يسرتْ له مَفْهَمَة الكون وسَمْيَأَتَهُ، يسرت له تقطيعه وتصنيفه داخل عوالم تجريدية رمزية مخصوصة. وبذلك تمكَّن من امتلاك هذا الكون ذهنيًا والإمساك بدلالاته معرفيًا، حتى غدا متحكمًا فيه بتجريداته الذهنية واستبدالاته الرمزية. تلكم هي الدعوى أو الفرضية الأساس التي يُحاجج لأجلها كل سميائي. وهي نفسها الدعوة التي نسوق لأجلها هذا البحث، على هدي خلفيةٍ معرفية نظرية، منطلقها السميائيات التأويلية، وموضوعها العلامة وسيرورة التدليل اللامتناهية. يهدف هذا البحث إذن، إلى رصد مكونات العلامات وآليات اشتغالها من منظور سميولساني، وذلك من خلال ثلاثة محاور: خُصِّص المحور الأول لبيان الخلفية المعرفية التي استندت إليها السميائيات التأويلية في بلورة التصور العام للعلامة. وخُصِّص المحوران الثاني والثالث للوقوف عند تفاصيل هذا التصور.

Full Text
Paper version not known

Talk to us

Join us for a 30 min session where you can share your feedback and ask us any queries you have

Schedule a call